بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
من اللافت خلال موسم شهر رمضان المبارك إدمان السعوديات على السهر المـُفرط، والخلود للنوم أثناء النهار، وهي سلوكيـّات تحرم البدن والعقل من التمتع بالنوم الهادئ بوصفه من أساسيات الصحة السليمة، كما أثبتت كثير من الدراسات. وهو ما قد ينعكس على جمال ونضارة البشرة، إذ يُعرف النوم الصحي والسليم منذ القِدَم بالنوم الجميل نسبة إلى جمال شكل النائم نوماً هادئاً، كما في القصة المعروفة "الجميلة النائمة"، كما يرتبط النوم السليم بنضارة الوجه وصفاء البشرة، إضافة إلى الشعور بالراحة البدنية والاستقرار النفسي.
رتباك الساعة الحيوية والجلد:
يتأثر الجلد سلباً باختلاف أوقات النوم بسبب حرمانه من الأثر الإيجابي للنوم أثناء الليل، والتعرض بشكل مناسب لهرمون النمو المعروف بأهميته في صيانة أعضاء الجسم، وتجديد خلاياها المعطوبة، وأنسجتها المستهلكة. والاستفادة القصوى من كريمات البشرة، ويظهر هذا الأثر جلياً لدى كثير من موظفي الورديات، والأعمال الليلية، وأصحاب السهر المـُفرط، والنوم خلال النهار عوضاً عن ساعات الليل.
الحرمان من النوم:
ينتج من اضطرابات النوم والاستيقاظ ما يعرف طبياً بالحرمان الحاد والمزمن من النوم وهو أكثرها انتشاراً، وقد ينتج عنهافرط النعاس والخمول، والصداع أثناء النهار، وتعكّر المزاج، وكثرة التململ، وتأثر جهاز المناعة سلباً مما يسبب ارتفاع خطر الإصابة بالزكام والإنفلونزا، إضافة إلى أعراض ارتجاع حموضة المعدة واضطرابات القولون بسبب الأكل والشرب بشكل مفرط وفي أوقات غير منتظمة.
النوم وجمال البشرة:
ويُعد النوم من أنجح علاجات البشرة وأقلها كَلفة، وهو يساعد على ضمان جمال البشرة وصفائها. فمن المتفق عليه أنّ كريمات الجلد ومستحضرات تجميل البـَشرة مهما اختلفت أنواعها لا تؤدي إلى النتيجة المرجوة منها إن لم يدعمها نوم صحي وهادئ؛ فالحرمان الحاد والمزمن من النوم أثناء الليل، أو المعاناة من رداءته بسبب اضطرابات النوم المختلفة، يمكن أن يُظهر البشرة بشكل جاف ومُرهَق، ويؤثر بشكل سلبي على نضارة العينين ويظهرهما بشكل ذابل، ويجعل من الصعب التخلص من الهالات السوداء المحيطة بهما، كما أشارت إحدى الدراسات البريطانية (عام 2011). وبالرغم من محاولة كثير من الذين يعانون من الأرق المزمن، أو كثرة التململ أثناء النوم التغلب على مظاهر الحرمان من النوم على وجوههم والتظاهر بالنشاط إلا أنّ من الصعب عليهم إخفاء ذبول العينين وملامح الإرهاق والتعب على بشرة الوجه. ونتيجة لذلك تلجأ بعض النساء في كثير من الأحيان إلى استخدام كريمات الأساس ومساحيق التجميل بشكل مُكثـّف في محاولة لإخفاء الهالات السوداء المحيطة بالعينين، وإضفاء بعض النضارة على بشرة الوجه.
النوم ونضارة البشرة:
إنّ من أهم ما يدعم حقيقة أثر النوم على البشرة خاصية النوم العميق (المرحلة الثالثة) التي يحتاج الإنسان إلى أن يتعرض إليها خلال نومه بنسبة لا تقل عن 25 % من مجموع ساعات النوم، والتي تتراوح من 7 إلى 8 ساعات في الليلة كمعدل طبيعي للبالغين متوسطي الأعمار. ففي مرحلة النوم العميق يقوم الجسم بإفراز هرمون النمو (Growth Hormone) بشكل مكثف، وهو ضروري لاكتمال النمو البدني والعقلي - خاصة لدى الأطفال، وأساس لترميم وعلاج خلايا الجسم المختلفة، واستبدال المعطوب منها، وصيانة أعضاء الجسم وإعادة تأهيلها. ومن الثابت علمياً أنّ أنسجة الجلد تحوي أسرع الخلايا انقساماً وتكاثراً؛ حيث تحتاج إلى استبدال سريع وفعال للحفاظ على رطوبة البشرة ونضارتها، وحمايتها من المؤثرات الخارجية كالحرارة والبرودة، والرطوبة وأشعة الشمس والهواء الملوث.
آثار الحرمان من النوم على البشرة:
من الطبيعي أن يظهر التأثير الأكبر للحرمان من النوم على شكل جفاف البشرة وتشققها، وتجعد الجلد، كما أنه من المنطقي أن تكون هذه الحقيقة أحد الأسباب التي تجعل أطباء الأمراض الجلدية واختصاصيي العناية بالبشرة ينصحون باستعمال كريمات الجلد قبل الخلود للنوم لضمان الاستفادة القصوى منها أثناء الليل؛ فمستحضرات الريتتينويد ومضادات الأكسدة كفيتامين Cو E تفقد جزءاً كبيراً من فعاليتها عند تعرضها للشمس والهواء، وتؤدي إلى نتيجة أفضل أثناء النوم مدعومة بالأثر الإيجابي لهرمون النمو، كما تعمل مستحضرات العناية بالبشرة على الحفاظ على رطوبة الجلد وإعادة ترويته بفعالية خلال ساعات النوم في غياب العوامل المضادة كأشعة الشمس وتلوث الجو، وبعض مستحضرات التجميل (الماكياج).
النوم حب الشباب:
من الثابت علمياً تأثر جهاز المناعة سلباً بالأرق المزمن وزيادة التوتر مما يمكن أن يجعل الجلد عرضة للتهابات البكتيرية، ويُضعف قدرته على مقاومة حب الشباب. فالتوتر المصاحب للإجهاد البدني والنفسي الناتج عن الحرمان من النوم يزيد من إفراز الغدة فوق الكظرية لهرمون (الكورتيزول) مما يؤدي إلى زيادة في إفراز غدد العرق الجلدية، كما يسبب اختلاط العرق والإفرازات الدهنية الزائدة بخلايا الجلد المستبدلة إلى انسداد مسام الغدد العَرَقية، وتكاثر البكتيريا المسببة لحب الشباب. وقد أثبتت بعض الدراسات العلاقة الوطيدة بين قلة النوم وزيادة الوزن حيث يمكن أن تصل نسبة البدانة إلى 55 % لدى الأشخاص الذين يبلغ معدل نومهم أقل من خمس ساعات في الليلة مقارنة بغيرهم من أصحاب النوم الكافي. وتُعد البدانة أحد عوامل الإصابة بحب الشباب والتهابات الجلد البكتيرية والفطرية نظراً لزيادة إفراز الغدد العرقية والدهنية.
قلة النوم وترهل الجلد:
يمكن تفسير ترهـّل وتجـعّد الجلد عند كبار السن إذ تقل نسبة إفراز هرمون النمو مع تقدم العمر بشكل واضح نظراً لما يتميز به النوم في هذه المرحلة العمرية المتقدمة من انخفاض ملحوظ في نسبة مرحلة النوم العميق، كما يتعرض المحرومون من النوم السليم على المدى الطويل إلى ضعف بنية خصلات الشعر واحتمال سقوطه أكثر من غيرهم نظراً للتغيرات الهرمونية المصاحبة لأعراض التوتر والإرهاق.
نصائح للعناية بالبشرة والنوم السليم:
مما تقدّم يُنصح للنساء اللواتي يحرصن على جمال بشرتهنّ ونضارتها أن يتعاملن مع النوم كأحد العلاجات المهمة التي تحفظ لهنّ سلامة الجلد من تأثير الحر والجفاف وغيرهما، وأن يتجنبن الحرمان من النوم وما يصحبه من سلوكيات خاطئة كالإفراط في تناول المنبهات، والتدخين، وزيادة التوتر، والحرص على أخذ قسط كافٍ من النوم أثناء الليل في بيئة نوم داكنة وبعيدة عن الضوضاء لأنه يُحفّـز على النوم العميق ويُشعر بالنشاط والحيوية أثناء النهار، ويساعد على ارتخاء العضلات، والتخفيف من حدة القلق، وخفض إفراز هرمونات التوتر كالكورتيزول، كما يُنصح بتنظيف البشرة جيداً من مستحضرات التجميل قبل النوم، واستشارة طبيب الأمراض الجلدية وأخصائيي علاج البشرة عن أنسب أنواع المستحضرات التي يمكن استخدامها بالليل خاصة لموظفي الورديات الليلية للتخلص من التجاعيد وعلاج التشققات، وسواد ما حول العينين، والمساعدة على الحفاظ على صحة الجلد ونضارة البشرة، وتجنب الإصابة بأمراض الشيخوخة المبكرة.