ـ أضراس العقل أربعة، اثنان يقعان في الركن الخلفي للفك العلوي وآخران في الركن الخلفي للفك السفلي. وتظهر أضراس العقل عموماً بين نهاية سن المراهقة والخامسة والعشرين.
ومشكلة أضراس العقل باتت شائعة، وتعود في الدرجة الأولى الى عدم توافر مساحة كافية تتسع للأضراس، وقد يكون الأمر عائداً الى وصول الفكين العلوي والسفلي الى مرحلة النضوج النهائي فعندئذ لا يبقى مكان كبير لإيواء هذه الأضراس، ومع ذلك فهي تضطر للنمو كيفما كان وبأي ثمن.
وعندما يكون المكان الذي يبزغ فيه ضرس العقل ضيقاً فإنه، مكره أخاه لا بطل، يضطر الى النمو ولكن في شكل أعوج في شكل أفقي أو في اتجاهات أخرى فيضغط بقوة على الضرس المحاذي له مسبباً آلاماً قد تكون مبرحة لا تطاق. والضرس الذي ينمو معوجاً قد يطل الى خارج اللثه أو انه قد لا يتمكن من الظهور فيبقى مختفياً كلياً في داخلها.
وتسبب أضراس العقل المطمورة تحت اللثة اضطرابات كثيرة نذكر، منها:
* التهاب اللثة، فمنطقة ضرس العقل المطمور يمكن ان تصبح بيئة خصبة لتكاثر الميكروبات فتؤدي الى التهاب الأنسجة المحيطة به، وعندها يعاني المريض من الألم وعدم القدرة على فتح الفم وظهور الرائحة الكريهة في الفم وتبدل المذاق، وفي الحالات المتقدمة قد يتطور الإلتهاب الى بؤرة التهابية تكون سبباً في ظهور بؤر أخرى في أمكنة مجاورة أو بعيدة.
* التسوس، ان وقوع ضرس العقل في منطقة نائية في عمق الفك من شأنه ألا يسمح بتنظيفه في شكل جيد، الأمر الذي يقود الى تراكم فضلات الطعام والجراثيم، وهذان العاملان يشكلان الشرارة التي تقدح زناد للإصابة بالتسوس.
* الألم والانزعاج عند فتح الفم، وقد ينتشر الألم الى مفصل الفك والى العين والأذن.
* تشوهات الأسنان، ان الضغط الذي تمارسه اضراس العقل ينعكس سلباً على الأسنان الأمامية التي تتراكب فوق بعضها بعضاً، من هنا كثرت عمليات خلع أضراس العقل بشكل شبه روتيني من أجل إفساح المجال أمام الأسنان الأمامية، وهذه هي النظرية القديمة التي سادت في شكل مطلق ردحاً من الزمن، ولكن مهلاً، هناك دراسات جاءت بنظرية أخرى تقول ان تزاحم الأسنان ليس بسبب أضراس العقل بل بسبب طريقة نمو الوجه والفكين، اما الحجة التي يسوقها أصحاب هذه النظرية هي ان هناك أشخاصاً لا يملكون أضراس العقل أو اشخاصاً قاموا بخلعها، تعرضوا فيما بعد الى تراكب الأسنان. وطبعاً هناك فريق ثالث يقول بأن النظريتين السابقتين صحيحتان.
هل يجب خلع ضرس العقل؟
في الماضي كانت الفكرة السائدة بين العديد من اطباء الأسنان هي ان لا فائدة من اضراس العقل كونها مجرد بقايا من تاريخ تطور الإنسان، لذا كانوا يميلون الى استئصالها تفادياً للمضاعفات التي قد تنتج عنها خلال مسيرة نموها خصوصاً تراكب الأسنان، لكن هذه النظرة تغيرت اليوم ولم يعد خلعها مستحباً الا عند الضرورة، فهناك حالات تخلق أمراً واقعاً بضرورة خلع ضرس العقل، من أهمها تكرر الإلتهاب في اللثة المحيطة به. أيضاً فإن الخلع يصبح أمراً لا مفر منه عند اصابة ضرس العقل بالتسوس العميق الذي لا يمكن اصلاحه، أو في حال عدم توفر المكان الكافي الذي يسمح باستضافة ضرس العقل معززاً مكرماً الى جوار جيرانه من بقية الأسنان.
اذا كانت أضراس العقل تنمو في شكل جيد وفي مساحة كافية وليست مائلة فإن خلعها لن يكون مفيداً، بل ان وجودها مهم لسببين: الأول انها تساعد في عملية المضغ حتى لو أصيبت بالتسوس، إذ من الممكن إصلاحها. والثاني ان أضراس العقل تشكل ركيزة لوضع الأسنان الاصطناعية في حال تعرضت الأسنان المحاذية لعواقب أدت الى اطاحتها. وقلع ضرس العقل يمكن أن يتم في عيادة طبيب الأسنان تحت البنج الموضعي، أو في المستشفى تحت البنج العام، وفي العيادة يجري قلع ضرس أو ضرسين على الأكثر على أن يتم قلع الآخرين في جلسة ثانية. أما في المستشفى فيتم استئصال الأضراس الأربعة دفعة واحدة.